recent
أخبار ساخنة

العوامل الجغرافية المؤثرة في توزيع المياه الجوفية

الصفحة الرئيسية

العوامل الجغرافية المؤثرة في توزيع المياه الجوفية

 

المبحث الأوَّل: العوامل الطبيعية:

ارتبط البناء الجيولوجي في منطقة الدراسة بالبناء الجيولوجي وتطوره في العراق على مَرِّ العصور؛ إذ إنَّ التطور التكتوني لمنطقة الدراسة يتحدد بالموقع التكتوني أوَّلاً، والحركة النسبية لصفائح القشرة الأرضيَّة خلال التاريخ الجيولوجي ثانياً، وإنَّ انعكاسات هذه الحركة قد تباعد أو تقارب وتسبب في نشوء الأحواض الرسوبية التي تختلف في امتدادها واتجاهها خلال التاريخ الجيولوجي([1]).

لقد تعرضت القشرة الأرضيَّة إلى عِدَّة حركات تكتونية عنيفة على طول تاريخها الجيولوجي الطويل متمثلة في الحركات الكارنية charnian بالزمن ما قبل الكمبري، والحركات الكاليدونية Caledonian بالزمن الأوَّل، والحركة الهرسينية hercyniam ما بين أواخر الزمن الأوَّل وأواخر الزمن الثاني([2]).

تتشكل المنطقة من تكوينات صخرية هي تكوين (الفتحة) ويتألف من تعاقب طبقات الصخور الجيرية والجبسية والمارل، ويعلوه تكوين (انجانة) الذي يتكون من الصخور الرملية والطينية ويعلو هذين التكوينين رواسب البيلوسين، يتألف من طبقات حصوية يتباين حجمها وسُمْكها ونوعها([3]).

إذ تتغير الظروف البيئية لمنطقة بحرية مشبعة بعدد من الأملاح بحيث أصبحت المنطقة شاطئية، فإنَّ ذلك يعمل على ترسيب الأملاح ويؤدي إلى تشكيل طبقة رسوبية من هذه الأملاح، فاذا انحسر الماء وأصبحت المنطقة قارية ترسبت مجموعة من الأملاح الأُخرى فوق الطبقة السابقة مِمَّا يؤدي إلى تشكيل تعاقب طبقي لاختلاف الظروف الكيميائية([4]).

 

أولاً-التكوينات الجيولوجية:

ويمكن ترتيب التكوينات الجيولوجية بحسب عمرها الزمني من الأقدم إلى الأحدث وهي كالاتي:

1 – تكوين الفتحة.

2- تكوين انجانة.

3 – تكوين المقدادية.

4 – ترسبات العصر الرباعي.

وهي على النحو الآتي:

1-تكوين الفتحة (الفارس الأسفل)، و(المايوسين الأوسط).

.fatha formation) (middle Miocene))

يشكل هذا التكوين نسبة 44,26% من مساحة منطقة الدراسةالبالغة ( 6741) كم2 إذ إنَّ الصخور المكوِّنة لهذا التكوين هي (الانهيدرايت) وتكون من تعاقب طبقات متداخلة من الحجر الجيري والمارل الأحمر وفق الظروف البيئية، أمَّـا الجبس فيكون أبيضاً حليبياً أو ابرياً، كما تدل ترسبات تكوين الفتحة على أنَّها تكونت في حوض ترسيبي منخفض بعيد عن البحر([5])، ويصل سُمْك التكوين في تركيب مكحول إلى (320 م)([6]).

وبالنسبة لبيئة الترسيب في هذا التكوين فهي بيئة بحرية ضحلة ضمن أحواض تتمثل في الأجزاء الغربية من حوض وادي الثرثار غرب منطقة الدراسة([7]).

ينكشف هذا التكوين في أقصى الشمال الشرقي من منطقة الدراسة، عند الحافة الشرقية لطية مكحول، كما ينكشف هذا التكوين وبشكل مساحات واسعة ومتصلة في الجهة الغربية والشمالية الغربية لوادي الثرثار، ويزداد هذا التكوين بالاتساع غرباً ضمن الحدود الإدارية لقضاء حديثة في محافظة الأنبار، كما نلحظ في الخريطة الجيولوجية ( 3 ) في منطقة الدراسة، وهي من التكوينات الخازنة للمياه الجوفية القريبة من سطح الأرض.

العوامل الجغرافية المؤثرة في توزيع المياه الجوفية

2 – تكوين انجانة (الفارس الأعلى) (upper fars formation):

يشكل هذا التكوين نسبة 22,94% من مساحة منطقة الدراسة البالغة 6741 كم2

وتتكون صخور هذا التكوين من مكونات صخرية أغلبها من صخور صلصالية حمراء أو رمادية، مع وجود طبقات من الحجر الجيري أو صخور رملية حمراء أو رمادية([8])، وينكشف التكوين-كما يظهر في الخريطة رقم (3)- من تعاقب طبقات الحجر الطيني والغريني والحجر الرملي، مع تواجد طبقات قليلة السُّمْك (20-40سم) على شكل عدسات من نوع السلينايت، ويبدو أنَّ الصخور المنكشفة في الجانب الشرقي لبحيرة الثرثار([9]) تُعَدُّ صخور هذا التكوين من التكوينات الصخرية المهمة الخازنة للمياه الجوفية بسبب مساميته ونفاذيته العالية التي تجعلها أفضل التكوينات المائية في منطقة الدراسة من غرب طية مكحول حتى وادي الثرثار، مع ظهور المسطحات المائية الضحلة (السبخات) غرب قضاء بيجِي([10]).

سُمْك تكوين انجانة يتراوح بين (440 – 500م) وصخور هذا التكوين مترسبة بشكل يتوافق مع تكوين الفتحة، أمَّـا بالنسبة لبيئة الترسيب فتبدو شبه قارية ذات أصل دلتاوي     (بيئة نهرية)([11]).

  

3- تكوين المقدادية (البختياري الأسفل):

يقع هذا التكوين في تلال مكحول والتلال المشرفة على قرية الزوية، ويتكون من طبقات من الحجر الرملي والحصوي والحجر الطيني الغريني، ويكون الحصى متناثراً والذي يتحول إلى عدسات أو طبقات متداخلة مع الحجر الرملي في الجزء العلوي([12])، ويتميز بوجود التراكيب الرسوبية على شكل مقاطع من النيسم وكرات الطين، ويكون حجم الحبيبات هو الحد الفاصل للتفريق بين الفارس الأعلى والبختياري، وذلك لأنَّ حبيبات البختياري أكبر بكثير من حبيبات الفارس الأعلى، وأنَّ هذا التكوين ينتشر من شمال العراق ويصل سُمْكه أحياناً إلى أكثر من (2050م) وترسباته من نوع المولاس([13]).

4 – ترسبات العصر الرباعي:

الترسبات الحديثة لعصر البلايستوسين وترسبات الهولوسين التي تشغل مساحات واسعة من منطقة الدراسة وبعمق بضع سنتمترات إلى عِدَّة أمتار والذي يزداد عند مجاري الوديان([14]).

تغطي ترسبات الحصى مساحات كبيرة من منطقة الدراسة عدا المنطقة الواقعة في الغرب من قضاء بيجِي، ويكون التدرج في الحجم من الحصى إلى الجلاميد، وهو قليل الترابط، مِمَّا أدى إلى وجود طبقة جيدة لتغلغل المياه إلى خزَّانات المياه الجوفية([15]).

إنَّ التركيبة الجيولوجية لطبيعة وأصل الكُثْبَان الرملية المتواجدة غرب قضاء بيجِي التي تمتد باتجاه (شمالي غربي–جنوبي شرقي) قد تأثرت بطوبغرافية المنطقة واتجاه الرياح السائدة في توزيعها وحركتها التي تتكون من عِدَّة تراكيب رسوبية من حبيبات ناعمة ومستديرة يعود أصلها إلى الترسبات الحديثة في المنطقة([16])، من خلال استعمال تقنيات الاستشعار عن بُعْدٍ حول أصل وحركة الكُثْبَان الرملية في منطقة بيجِي، فإنَّها ازدادتْ في العقدين الأخيرين بسبب الظروف المناخية التي أصبحت تؤثر على مسارات السكك الحديدية والطرق، وازدياد رقعة التصحر في المنطقة، إذ يصل ارتفاع الكُثُب الرملي إلى (3) متر([17]).

أمَّا ترسبات السهل الفيضي فتكون مزيجاً من الحصى والرمل والغرين والطين، وهي تختلف من حيث الامتداد والارتفاع عن مستوى النهر التي يصل عرض منطقة الفتحة ويتجه جنوباً بشكل متعرج مع مجرى نهر دجلة([18])، وتتكون ترسبات الوديان والمنخفضات من الحصى والرمل والغرين والجبسم التي مصدرها المناطق المرتفعة المحيطة بها، ويصل سُمْك هذه الترسبات إلى (1) م التي مُلئت بالترسيب الهوائي([19]).

ومن مظاهر ترسبات العصر الرباعي وجود السبخات في منطقة غرب بيجِي المتمثلة بسبخة الملح، وهذا ناتج عن انخفاض أو هبوط في المنطقة وارتفاع المناطق المجاورة، وبفعل الخاصية الشعرية وعملية التبخر بسبب ارتفاع درجات الحرارة، فضلاً عن كونها مُسْتَقَرّاً لمياه الأمْطَار على شكل واحات([20]).

5-التراكيب تحت السطحية:

تقع منطقة الدراسة-من حيث التراكيب البنيوية- ضمن نطاقين للرصيف غير المستقر هما نطاق أقدام الجبال(منطقة تركيب مكحول)، ونطاق السهل الرسوبي الذي يغطي معظم منطقة الدراسة([21])، التي تعرضت فيه التكاوين القديمة للصخور الرسوبية والتي أدَّتْ إلى انكسار الطبقات التي يظهر فيها الشكل العام بعدم التوافق، والتي لها أهميَّة كبيرة لكونها مكامنَ لتجمع المعادن والمياه الجوفية والنفط([22])، وتؤشر الكسور والفوالق في تغذية مكامن المياه الجوفية التي عن طريقها يتم تسرب المياه إلى جوف الأرض، ومرّةً أُخرى يتم خروج الماء إلى السطح عن طريقها([23]).

                             العوامل الجغرافية المؤثرة في توزيع المياه الجوفية


المصدر

1-التحليل الجغرافي لخصائص  وتوزيع المياه الجوفية في قضاء بيجي، رسالة ماجستير مقدمة من قبل الطالب صباح مصطفى علي الجبوري ،كلية التربية علوم الانسانية - جامعة تكريت، سنة 2013


google-playkhamsatmostaqltradent