يعد سطح الارض القاعدة المشتركة التي
تستوطنها الكائنات الحية النباتية والحيوانية فضلاَ عن الانسان فهو القاسم المشترك
بين هذه الكائنات الذي يتطور طبيعياَ بشكل متوازن ، كما ان اشكال الارض وعناصرها
هي المواضع التي يمارس فيها الانسان نشاطه الاقتصادي حيث يستغل مواردها الزراعية
والحيوانية والمعدنية وعليها يبني مستوطناته ومنشآته, لذا يتطلب منه ان يكيف نفسه
لتلك الاشكال التي تتغير وتتطور بالعمليات الطبيعية.
ان منطقة الدراسة تمثل جزءاَ من السهل الفيضي الذي
يمثل قلب ارض السواد الذي يتميز بكثرة خيراته لما يتمتع به من ارض خصبة ومجارً
مائية واسعة لذا اصبحت المجاري المائية
وشبكات الري المتشعبة عاملاَ اساسياَ في جذب السكان اليها الامر الذي ادى الى
ازدهار الحضارة في العصور القديمة في وادي الرافدين من الآف السنين . وتبعاَ لذلك
تعد العمليات الجيومورفولوجية لنهر الغراف والمظاهر الناتجة عنها ذات اثر كبير على
النشاطات البشرية المختلفة وغيرها ضمن منطقة الدراسة التي اضفت عليها طابع متميز ،
ومن اهم تلك النشاطات مايأتي :-
اولاَ : الاستيطان البشري
ان نشوء المستوطنات وتطورها في أي مكان يكون ناتجاَ عن تفاعل مع البيئة ، ويعتمد ذلك على الموارد الطبيعية المتوفرة في تلك البيئة فضلاَ عن طبيعة العمليات الجيومورفولوجية والمظاهر الناتجة عنها التي تؤثر فيها . لذلك فقد يختار الانسان الموقع الملائم والمتميز عن غيره من المواقع التي تحقق رغباته وحاجاته المختلفة . لذلك فأن الوجود السكاني ونمو المستوطنات البشرية وتوزيعها وانتشارها يتوقف على مصادر المياه ولاسيما في المناطق الجافة وشبه الجافة ، وهذا مايفسر لنا امتداد مناطق المستوطنات البشرية على امتداد الانهار وتفرعاتها سواء أكانت مدناً صغيرة او كبيرة او مستوطنات صغيرة مثل القرى على رقعة حوض الغراف .
1-
نمط التوزيع الخطي
وهو نمط سائد في منطقة
الدراسة يكون واضحاَ على امتداد نهر الغراف الذي يتمتع بقوة جذب الموارد المائية
المتمثلة بمجرى نهر الفرات والجداول الاروائية المتفرعة منه ، فضلاَ عن سهولة طرق
النقل ومن اهم هذه المستوطنات الحضرية مدينتا الموفقية والحي في محافظة واسط .
ومدن الفجر وقلعة سكر والرفاعي والنصر والشطرة في محافظة ذي قار . واتخذت تلك
المستوطنات الجوانب المقعرة مواضعَِ لها لاعتبارات عدة منها قلة تعرضها لمخاطر
الفيضان والقرب من مصدر المياه ووجود التربة الجيدة التي تتمتع بها كتوف النهر .
2-
النمط المبعثر والمتناثر
في هذا النمط تنتشر المستوطنات الريفية
وتتباعد عن بعضها متأثرة بعوامل طبيعية كالتربة وطبيعة السطح ومصادر المياه ونظام
الملكية ، وهنالك عامل آخر لعب دوره في ظهور هذا النمط وهو عامل الملوحة التي تشغل
نسبة كبيرة من اراضي منطقة الدراسة نتيجة قل المبازل الامر الذي انعكس على طبيعة
توزيع عدد من المستوطنات الريفية واتخاذها النمط المبعثر . ويبرز هذا النمط بشكل
واضح في المستوطنات الآتيه:- قرى مياح ربيعة وآل بدير والسيد مرهج وعرب طعمة وكوام
بلاسم ضمن اراضي حوض النهر في محافظة واسط وقرى عرب عريبي. ثانياَ : الزراعة :
تبرز اهمية الزراعة كونها المصدر الغذائي الاساسي
في حياة الانسان, فضلاَ عن ذلك تعد من الحرف الاقتصادية المهمة للانسان ، وقد
مارسها سكان العراق منذ فجر الحضارات الاولى لما تميزت به بيئة بلاد وادي الرافدين
من أحوال طبيعية ملائمة تمثلت بأراضي السهل الفيضي الواسعة والصالحة للزراعة فضلاَ
عن المناخ والموارد المائية المتوفرة .
أدت العمليات الجيومورفولوجية دوراَ كبيراَ في
تنوع الانتاج الزراعي وتوزيعه في منطقة الدراسة بسبب اختلاف نوع الرواسب من مكان
لآخر حسب البعد والقرب من مجرى النهر .ويواجه الانتاج الزراعي في المنطقة مشكلات عديدة من اهمها تردي الكفاءة الوظيفية للاراضي الزراعية بسبب انشاء سدة الكوت عام 1939 لتنظيم كميات المياه في نهر دجلة وفرعيه الدجيلة والغراف مما جعل نهر الغراف يحصل على المياه في فصل الصيف واقيمت لاجل ذلك نواظم وسداد جانبية لرفع مناسيب المياه فيما اهملت المساحات المزروعة بالمحاصيل الشتوية والبساتين حسب الوحدات الادارية في منطقةحوض الغراف لعام 2003, عملية فتح شبكات البزل لخفض مناسيب المياه الباطنية التي ارتفعت مناسيبها في المنطقة ، مما ادى الى توزعَ التربة على اكتاف النهر وتحللها ، كما تدهورت التربة وازداد تحلحلها بسبب انبساط السطح وقلة الانحدار ورداءة الصرف والري غير المنتظم,فضلاَ عن ماتتصف به المنطقة من مناخ جاف لايساعد على حدوث غسل طبيعي يزيل تلك الاملاح المتراكمة على التربة .
ثالثاَ : الري
ارتبط ظهور الحضارات القديمة ارتباطاَ وثيقاَ بنشؤ
الري وتقدمه نظراَ لان حضارة وادي الرافدين قد نشأت على ضفاف الانهار واعتمدت لسقي
المزروعات على مياه هذه الانهر.اذ ان منطقة السهل الفيضي تعد منطقة
جافة وتتسم بقلة الامطار وارتفاع الحرارة ، كما ان طبيعة سطح المنطقة المستوي
والتربة الخصبة وطبيعة جريان الانهار كلها دفعت الانسان في العراق القديم الى
الاعتماد على الري اذ ان المطر لايكفي لانتاج الكثير من المحاصيل .ويعرف
الري بأنه عملية امداد الارض بالماء ليمكنها من تطمين حاجة النبات من المواد
الضرورية لها . ويتم ايصال
الماء الى منطقة الدراسة بطريقتين:الاولى تتمثل بايصال الماء الى الاراضي الزراعية
عبر مشاريع الريالسيحي وهي جداول وقنوات تأخذ المياه من الانهار
الرئيسة الى المزارع والحقول بصورة طبيعية . وذلك لان مستوى الماء فيها اعلى من
مستوى المزارع او لكون السداد والنواظم تساعد على هذا السقي بصورة طبيعية .
رابعاَ : طرق النقل والجسور :
كان نهر دجلة يستخدم في
التنقل قبل ظهور السيارة وانتشارها على نطاق واسع ، ولكن ليس بالقدر الذي يمكن
الاعتماد عليه حتى في ذلك الوقت ، اذ كانت القوارب الصغيرة والمتوسطة الحجم تسير
في النهر لغرض التنقل بين المستوطنات الحضرية والريفية الواقعة على ضفتي النهر . الا ان النقل النهري اخذ
بالاضمحلال بعد قيام السدود والنواظم على النهر والتي من اهمها سدة الغراف وناظم
الحي وناظم البدعة مما ادى الى قلة التصريف المائي في مجرى النهر .
خامساَ : الصناعة :
لاحواض الانهار دور كبير في توفير الكثير من
المواد الاولية التي تساعد على قيام العديد من الصناعات ، لذا ظهر العديد من
الصناعات ضمن منطقة الدراسة والمرتبطة بمجرى النهر لما يقدمه من حاجاتها الاساسية
من المياه ، فضلاَ عن بعض الصناعات التي تعتمد على المواد الناتجة من الترسبات
النهرية ومن اهمها معامل الطابوق .
ان وجود ترسبات السهل الفيضي
المتمثلة بالترب الصالحة في صناعة الطابوق ر الذي ساعد على قيام هذه الصناعة منذ
فترات زمنية بعيدة وماتزال قائمة حتى اليوم ، ويقدر عدد معامل الطابوق المنتشرة في
سائر ارجاء الحوض .
مصدر الصوره.كوبيديا الموسوعة الحرة