اولا
: مفهوم العولمة والياتها
تعد العولمة من أبرز التطورات الاقتصادية الدولية المعاصرة ، وقد تزايد الاهتمام
بها وبمضامينها وأفكارها في نهاية ثمانينات القرن الماضي على الرغم من أن جذورها
تمتد الى سنين طويلة ، وذلك لكونها تعد أكثر من مجرد الية من اليات التطور
التلقائي لنظام العالم الجديد ، حيث تمثل دعوة للرجوع الى الافكار الكلاسيكية
القائمة على الية السوق وعدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وفسح
المجال أمام القطاع الخاص وتنشيطه وغيرها
من الافكار التي تهدف الى عولمة العالم ، ووقوف جميع البلدان تحت مظلة ما يسمى
بالانفتاح والمنافسة .
تم بحث العولمة ومضامينها والياتها واثارها
من قبل العديد من الباحثين والعلماء والسياسيين ، وتم بيان مفهومها كل بحسب اختصاصه
وتوجهاته سواء أكانت الفكرية أم العلمية أم السياسية ، لذا فأن إعطاء تعريف دقيق
للعولمة تبدو حالة معقدة لكونهم يفسرونها من خلال ما أفرزته من تخيلات وتصورات
أيديولوجية ، وبشكل عام يمكن تعريف العولمة على أنها (اندماج أسواق العالم في دخول
التجارة
والاستثمار المباشر وانتقال الاموال
والقوى العاملة والتقنيات والثقافة ضمن رأسمالية حرية الاسواق وخضوع العالم لقوى السوق
العالمية مما يؤدي الى اختراق الحدود القومية والى الانحسار الكبير في سيادة
الدولة وأن العنصر الاساس في هذه الظاهرة هي الشركات الرأسمالية الضخمة المتخطية
للقومية)0(Nonjon , 1999 , 39 )
تعددت أنواع العولمة إذ شملت الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية (فاضل
, 2009 , 9) . لذا فإنها تعد متغير اقتصادي وسياسي واجتماعي ، وذلك لكونها تشمل تغيرات
جذرية في الاقتصاد والسياسة والثقافة والاجتماع والتكنولوجيا هدفها تهيئة الاجواء
العالمية لمرحلة اقتصادية جديدة تتميز بالانفتاح على العالم وسهولة الانتقال
والحركة المتطورة والحديثة ، فالاقتصاد العالمي في طريقه الى التكامل والاندماج في
ظل العولمة ( الجميل , 1998 , 39 ) .
للعولمة اليات متعددة ترتكز عليها لنشر أفكارها ومضامينها وخصوصا الاقتصادية
، لعل من أهمها تلك الأطر المؤسسية التي انبثقت عن الجهود الدولية والمتمثلة
بإنشاء منظمات تحرير العلاقات الاقتصادية من القيود وتحرير التجارة والتعامل
الدولي متعدد الأطراف ومساعدة البلدان في التنمية والاعمار ، وأبرز تلك المنظمات
صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والتي تعد الى جانب
الشركات المتعدية الجنسية الإطار المؤسسي الذي تم من خلاله عولمة الاقتصاد ، من
هنا يمكن توضيح اليات العولمة التي ساعدت على أرساء قواعدها وانتشارها دوليا وكالا
تي :
1-1: مؤسسات بريتون وودز
سعت أغلب
بلدان العالم بعد الحرب العالمية الثانية الى إرساء التعاون الاقتصادي الدولي ،
وذلك بهدف معالجة المشكلات الاقتصادية ، لذا تم إنشاء العديد من المنظمات
والمؤسسات الدولية كان من أهمها صندوق النقد الدولي والبنك . الدولي للإنشاء
والتعمير واللذان أنشئا في مؤتمر بريتون وودز عام ١٩٤٤
١- صندوق النقد الدولي: يعرف الصندوق بأنه (المنظمة العالمية
النقدية التي تقوم على أدارة النظام النقدي الدولي وتطبيق السياسات النقدية
الكفيلة بتحقيق الاستقرار النقدي وعلاج العجز المؤقت في موازين مدفوعات الدول
الأعضاء فيه) (الزيدي , 2009 , 14-15)وتتمثل أهداف الصندوق بالا تي (الرحماني ,
2006 ,2)
أ- تشجيع التعاون الدولي في التوازن النقدي
.
ب - تيسير التوسع والنمو المتوازن في
التجارة الدولية .
ت - العمل على تحقيق الاستقرار في أسعار
الصرف .
ث - المساعدة على إقامة نظام مدفوعات متعدد
الاطراف .
ج - تصحيح الاختلال في موازين المدفوعات .
٢-
البنك الدولي للإنشاء والتعمير: يعرف البنك الدولي بأنه (المؤسسة الاقتصادية العالمية المسؤولة
عن إدارة النظام المالي الدولي والاهتمام بتطبيق السياسات الاقتصادية الكفيلة
بتحقيق التنمية الاقتصادية للدول الاعضاء ) ( الزيدي , 2009 , 6 ) ، ويمكن
بيان أهدافه بالا تي : ( الجاسم , 1976 ,
88)
أ- المساعدة في تعمير وتنمية أقاليم الدول
الاعضاء وتحقيق معدلات نمو اقتصادي أعلى .
ب - تشجيع الاستثمارات الاجنبية الخاصة عن
طريق الضمان أو المساهمة أو القروض .
ت - المساهمة في تحقيق النمو المتوازن في
الاجل الطويل للتجارة الدولية .
ث - علاج الاختلالات الهيكلية في البلدان
النامية .
ج - تقديم المشورة والمعونة الفنية للدول
الاعضاء لمساعدتها في حل مشكلاتها وزيادة نمو القطاع الخاص .
1-2: منظمة التجارة العالمية
تعد منظمة التجارة العالمية المنظمة الوحيدة
التي تحكم قواعد إجراءات تحرير التجارة الدولية ، أسوة بصندوق النقد والبنك
الدوليين ، وتقع على عاتقها مهمة الأشراف على تنفيذ الاتفاقيات التجارية متعددة
الاطراف كافة التي صدرت عن
اتفاقية الجات عام
١٩٤٧ والبالغ عددها ٢٨ اتفاقا وبروتوكولا وزاريا ( مجدلاني , 2000 , 8 )، ومرت الجات
بعدة جولات كان من ا خرها جولة أرغواي التي تمخض عنها إنشاء منظمة التجارة العالمية ،
ودخلت حيز التنفيذ عام ١٩٩٥ ، وتهدف المنظمة الى : (مكتبة الاتصال والتنسيق مع
منظمة التجارة العالمية ،اليمن)
١- إقامة نظام تجاري
متعدد الاطراف يعتمد على ازاله الحواجز الكمركية وخفض التعريفات وازالة المعاملة
التفضيلية .
٢- رفع المستوى
المعاشي وتحقيق العمالة الكاملة وتنمية الدخل القومي الحقيقي وزيادة الانتاج للدول
الأعضاء .
٣- تأمين أجواء
المفاوضات للدول الأعضاء فيما يتعلق بالتجارة الدولية وتنفيذها
٤- صنع السياسات
الاقتصادية الشاملة وبالتعاون مع صندوق النقد والبنك الدوليين والمؤسسات والمنظمات
ذات العلاقة .
٥- تحقيق التوظيف
الكامل لموارد العالم والحفاظ على البيئة وحمايتها .
٦- محاولة اشراك
البلدان النامية والأقل نمو في التجارة الدولية بصورة أفضل .
1-3 : الشركات المتعدية الجنسية
تعد الشركات المتعدية الجنسية من الظواهر
البارزة في الاقتصاد الدولي والتي اتخذت أنماطا مختلفة منها ما هو تجاري أو خدمي
أو صناعي أو كلي ، وقامت هذه الشركات بدمج راس المال المصرفي مع راس المال الصناعي
في راس المال المالي ، أي دمج العمليات الثلاث الصناعية والتجارية والمالية بكل
الاتجاهات وبالأنواع كلها ( ملكاني , 2005 ، 2 ) . لذا أدت الشركات المتعدية
الجنسية دورا مهما في حركة الاقتصاد العالمي وارساء العولمة جنبا الى جنب مع
المؤسسات والمنظمات الدولية وازدادت أهميتها في سبعينات القرن الماضي بسبب
عملياتها الخارجية وأصبحت سمة رئيسة من سمات النظام العالمي الجديد ، إذ إن لها
المقدرة على التحكم في التجارة الدولية والتكنولوجيا من خلال عملية خلق وابتكار
الأخيرة ، وما تمتلكه من موارد وخبرات تمكنها من البحث والتطوير ، كما وتعد
الشركات المتعدية الجنسية حاليا من أهم ناقلي التكنولوجيا دوليا بسبب شبكتها
المنتشرة في جميع أنحاء العالم
ثانيا : مفهوم
البطالة وأنواعها واثارها
على الرغم من تعدد مفاهيم البطالة بين
الاقتصاديين إلا أنه يمكن توضيح مفهومها العام بأنها (وجود جزء من العمال والراغبين
في العمل دون عمل ، أي بقاؤهم خارج قوة العمل الفاعلة عاطلين عن
العمل)0( العاني , 1991 , 236 ) كما وتعرف البطالة أيضا بأنها (الحالة التي
يكون فيها الناس قادرين على العمل ويبحثون عنه ولم يجدوه) . ( العاني , 1991 , 236
) وهنالك عدة أنواع من البطالة يمكن بيانها بالا تي :
2-1 : البطالة السافرة (الصريحة) :
ويقصد بها وجود عدد من الافراد القادرين على
العمل والراغبين فيه والباحثين عنه عند مستوى الأجر السائد دون جدوى ولهذا فهم في
حالة تعطل كامل ولا يمارسون أي عمل ، وتقسم الى :
١- البطالة الأجبارية
: وهي البطالة الناتجة عن فائض قوة العمل والتي تعم جميع قطاعات النشاط الاقتصادي
، وتحدث نتيجة بعض الظروف داخل البلد كالحروب والكساد الاقتصادي ، وتحدث أيضا
عندما لا يجد الداخلون الجدد في سوق العمل فرصا للتوظيف رغم بحثهم وقدرتهم عليه
وقبولهم لمستوى الأجر السائد (, 1978 , 354
E.Lucas) وتقسم الى :
أ- البطالة الاحتكاكية
: وهي التوقف المؤقت عن العمل نتيجة الانتقال من وظيفة لأخرى أو البحث عن وظيفة
أخرى ..... الخ .
ب - البطالة الهيكلية
: وتحدث بسبب المتغيرات هيكلية تحدث في الاقتصاد الوطني والتي تؤدي الى إيجاد حالة
من عدم التوافق بين فرص العمل المتاحة ومؤهلات وخبرات العمال المتعطلين الراغبين
في العمل والباحثين عنه .
ت - البطالة الدورية :
وتحدث بشكل دوري للنشاط الاقتصادي نتيجة تعطل أو توقف جزء من الجهاز الانتاجي عند
حالات الكساد ، وتنشأ عندما يكون هنالك قصور في مستوى الطلب على الانتاج .
ث - البطالة الموسمية
: وتنشأ بسبب قصور الطلب على العمل في مواسم معينة وهي ناتجة عن انخفاض الطلب
الكلي من بعض القطاعات الاقتصادية وليس الاقتصاد ( فاضل , 2010 , 11 ) .
٢- البطالة
الاختيارية : هي البطالة التي يرجحها الفرد العاطل عن العمل ، ويفسر وجودها
الارتفاع النسبي في إعانات البطالة أو تعويضات البطالة ، فإذا كان التعويض قريب من
الأجر الحقيقي فإنه يشجع عدد غير قليل من العاملين على اختيار البطالة .
2-2: البطالة
المقنعة :
ويقصد بها الحالة التي يتكدس فيها عدد كبير
من العاملين بشكل يفوق الحاجة الفعلية للعمل ، مما يعني وجود عمالة فائضة فلا تنتج
شيء تقريب ، ويزداد هذا النوع في البلدان النامية بسبب وفرة عنصر العمل بينما تكون
فرص العمل محددة بسبب ضيق مجالات الانتاج ( فاضل , 2010 , 11 )
تؤدي البطالة دورا
سلبيا في الاقتصادات الوطنية عموما ، إذ أن لها ا ثار اقتصادية واجتماعية ونفسية
جسيمة ، إن الاثار الاقتصادية للبطالة تتمثل في :( فاضل , 2010 , 11 )
١- تأثيرها في حجم الدخل وتوزيعه ، ويتمثل التأثير
في حجم الدخل من التغير في الناتج المحلي ، أما تأثيرها في توزيع الدخل فيتمثل في
أن تغير مستوى التشغيل يؤدي الى تغير مستوى الأجور وفي نفس الاتجاه .
٢- ا ثار غير مباشرة من خلال التأثير في الاستهلاك
والصادرات والواردات.
٣- ضعف القوة الشرائية في السوق المحلية مما يؤدي
الى تأثيرات في العرض والطلب في السوق .
٤- تعني البطالة عدم التشغيل الكامل مما يؤثر في
عدم وصول الاقتصاد الى وضع التوازن .
٥- إن تعطيل جزء من قوة العمل شأنه أن يكلف الدولة أعباء تتمثل في زيادة الاستهلاك
من قبل القوى المعطلة وانخفاض الناتج الوطني .
٦- إن عدم استغلال عنصر العمل والذي يعد أحد الموارد الاقتصادية يضيع على
الاقتصاد الوطني فرصة إشباع الحاجات التي كانت ستوفرها القوى العاملة الراغبة
والقادرة على الانتاج وبالتالي تطور الاقتصاد .
اما الاثار الاجتماعية والنفسية للبطالة فإنها
تعد من أهم المشكلات التي تواجه المجتمعات لكونها تؤدي الى بروز ظاهرة الفقر
وزيادتها وما ينجم عنها من امراض اجتماعية ونفسية خطيرة ، إذ تؤكد الاحصاءات
العالمية على أن للبطالة اثار في الصحة الجسدية وتعيق النمو النفسي ، أن هذه
المشكلات سيترتب على بعضها امراض نفسية أو الادمان والجرائم وضعف الانتماء للبلد وكراهية
للمجتمع
لينتهي الأمر بالعنف والإرهاب وخصوصا لكون أن الشباب العاطل منهار وكاره للمجتمع
( ابراهيم , 2008 , 5 ) . فضلا عن أن تأثير البطالة في المجتمع يمتد أيضا الى الافراد
الذين يعيلهم هؤلاء العاطلين مما يؤدي الى حرمانهم من مستلزمات العيش ، وبالتالي
تفاقم الاثار السلبية للبطالة . ( خضير , 1995 , 38 )
المصدر.خلدون طالب ماجستير