التوزيع المكاني والكمي لاحتياطيات النفط
عربياً وعالمياً
أي رقعة جغرافية تمنحها الجغرافية مقومات القوة
الطبيعية والبشرية تصبح منطقة ذات اهمية ستراتيجية وتقوم بدور بارز في الصراع
الدولي ، واذا ما احسن استثمار هذه المقومات والعناصر ستصبح هذه المنطقة قطباً
دولياً مؤثراً في الصراع الجيوبولتيكي في العالم .
لقد حبا الله عز وجل الوطن
العربي بكثير من هذه المقومات ، وكان ابرزها ومنذ القدم الموقع الجيوستراتيجي
المهم لكونه يتوسط العالم القديم ، وحلقة الوصل بين الشرق والغرب وبين الشمال
والجنوب ، ثم حباه الله بالفكر الاسلامي الذي عزز المكانة الحضارية لهذا الموطن
الحضاري وامتدت الدولة العربية الاسلامية من اقصى الشرق الى اقصى الغرب واصبحت هذه
الدولة تملك السيادة والريادة في كل مناحي الحياة وجوانبها ، وقد ساد الازدهار
الحضاري واحترام السيادة للامم وشعوبها ، ولم تذهب ريح هذه المقــــــومات وقوتها
فهي ما زالـــــــــــت موجودة وهــــي بحاجة
الى من يبعثها من جديد وعززت قوتها بمتغير ستراتيجي كبير
الاهمية وهو النفط الذي يكمن منه في جوف الوطن العربي اكثر من ( 62% ) من احتياطي
النفط في العالم ( جدول 2 ) .
ومــــن
خلال تفحــــص ( خريطة 1 ) يتضح ان النفط ينتشر في بقاع واسعة من العالم وهو فعلاً
ينتشر في اكثر من ( 40 ) دولة تتوزع على جميع القارات ولا تخلو قارة من النفط ، لا
بل لاتخلو كثير من دول العالم ورفوفه القارية من النفط ولكن المشكلة تكمن في كون
كمياتها غير اقتصادية اما بسبب قلتها او بسبب ضعف الامكانيات الفنية والتكنولوجية
القادرة على استخراجها بسبب العوامل الطبيعية مثل عمق المياه وقسوة الظروف
الطبيعية المناخية او كونها بيئات وعرة بعيدة عن مراكز العمران والخدمات ، او
للسببين معاً . ولكن من تفحــص ( خريطة 2
) ومراجعة ( جدول 2 ) تتغير الصورة الحقيقية لتوزيع احتياطيات النفط في العالم
فيتضح ان هناك مناطق محدودة تضم معظم الاحتياطي النفطي في العالم ومناطق اخرى تضم
نسباً محدودة جداً من هذا الاحتياطي .
فالوطن
العربي يضم اكبر احتياطي للنفط في العالم فقد بلغ هذا الاحتياطي اكثر من ( 643 )
مليار برميل مكوناً اكثر من ( 62% ) من احتياطي النفط في العالم عام 2000 ويتوقع
المختصون ان هذه النسبة في تزايد مستمر لان كثيراً من مناطق العالم ستشهد نضوباً
او تراجعاً في احتياطياتها خاصة امريكا الشمالية وروسيا الاتحادية وبحر الشمال
والمكسيك ، وذلك بسبب ضخامة انتاجها اليومي ، فالولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي
السابق انتجا كميات كبيرة من النفط ، فقد مضى اكثر من 100 سنة على بدأ انتاجهما ،
كما ان هاتين الدولتين كانتا تسيطران على ( 50% ) من احتياط النفط في العالم([1])
، في النصف الاول من القرن العشرين .
ان صورة
توزيع احتياطيات النفط تغيرت منذ عقد الخمسينيات واخذ احتياطي النفط العربي يتزايد
من حيث الكمية والنسبة ؛ يتضح من ( خريطة 2 ) و ( جدول 2 ) ان ثاني اكبر احتياطي
نفطي في العالم يقع في دول ( اوبك ) غير العربية وهي ايران وفنزويلا ونيجيريا
واندنوسيـــا وتضــم اكثرمن( 194 ) مليار برميل من النفط بنسبة تزيد على ( 18% )
من مجموع الاحتياطي العالمي وجميع هذه الدول من النامية ، ومن تفحص ( جدول 2 )
نستطيع ان نستنتج ان اكثر من ( 70% ) من احتياطي النفط في العالم يقع في ست دول هي
السعودية والعراق والامارات والكويت وايران وفنزويلا الامر الذي يمكن هذه الدول من
تشكيل كارتل نفطي خطير خاصة ان الدولتين غير العربيتين تنهجان نهجاً ستراتيجياً
ايجابياً باستثمار نفطها ولكن المعوق هو بعض اقطار الوطن العربي الخليجية التي
تحاول اعاقة عمل الاقطار المصدرة في منظمة ( اوبك ) وبسبب الضغوط السياسية
الامريكية عليها ، وخاصة اذا علمنا ان الولايات المتحدة ودول غرب اوربا لاتضم سوى
اقل من (3% ) من احتياطيات النفط ، وهي اكبر مناطق استهلاك النفط في العالم .
اما
روسيا وجمهوريات آسيـــا الوسطى ( كومنولث الـــدول المستقلة ) فهي لاتضم سوى (
5.5% ) من احتياطي النفط في العالم وهذا يعني ان الهالة الغربية التي وضعت على نفط
بحر قزوين هي اكبر من حجمها في ظل الظروف التكنولوجية والاقتصادية الحالية
لاستثمار النفط المتوقــــع في هذه المنطقة من العالم ، وذلك لاسباب سياسية
واقتصادية وستراتيجية هدفها تقويض الاهمية الاستراتيجية للنفط العربي خاصة ونفط
اوبك عامة ، فقد قدرت احتياطيات النفط المؤكدة في هذه المنطقة بحدود ( 8 –16 )
مليار برميل كما حددته ( Statistical Review of world Energy ) ، وكما ورد ذلك في مجلة
النفط والغاز الصادرة في اواخر عام 1998 ، وقد قدر المصدر نفسه الاحتياطي غير
المؤكد او المحتمل وجوده بحدود ( 70 – 200 ) مليار برميل([2])
اما هيئة معلومات الطاقة الامريــكيـــة (EIA ) فقدرتها بحــدود ( 18 – 34 ) مليار برميل ،
بينما قدرت الاحتياطي المحتمل بحدود ( 250 – 270 ) مليار برميل([3])،
ومصارد اخرى تقدر الاحتياطي بحدود ( 200 ) مليار برميل كحد اقصى ولكن من اجل
التحقق من هذه الاحتياطيات وجعلها احتياطيات مؤكدة تحتاج الى استثمارات تقدر بأكثر
من ( 30 ) مليار دولار وسنوات طويلة من العمل الشاق([4])
، ومن المتوقع ان تقل اهمية هذه الامكانيات النفطية المتوقع توفرها في هذه المنطقة
لاسباب جيوبولتيكية وامنية وعرقية وقومية وسياسية واقتصادية ، بجعل احتياطيات
المنطقة محـــــــدودة لمدة طويلة من الزمن وكما مبين في ( جدول 2 ) .
ويتضح من الجدول ايضاً ان الصين تضم (
2.3% ) من احتياطي النفط في العالم وباقي دول العالم تضم ( 4.6% ) من الاحتياطي
العالمي .
اما عند
تحليل ( خريطة 3 ) فيتبين ان منطقة حوض الخليج العربي وامتداده حوض دجلة والفرات
في الوطن العربي تضم اكبر احتياطي نفطي في العالم والتي تزيد كميتها على ( 568 )
مليار برميل مكوناً نسبة تزيد على ( 54% ) من الاحتياطي العالمي ، وبذلك تكون هذه
المنطقة قلب العالم النفطي ومصدر طاقته وحركته ويتبين من الخريطة ان توسعاً
جغرافياً في صورة توزيع النفط العربي فقد انضمت اليمن والسودان الى الخريطة
النفطية في الوطن العربي ويتوقع ان تدخلا المغرب وموريتانيا عالم النفط ، اما الاردن وفلسطين فقد عثر فيهما على كميات
محدودة جداً من النفط في الاردن قرب الحدود السعودية وفي فلسطين في الرصيف القاري
قبالة الساحل الفلسطيني في غزة ، اما الصومال وجيبوتي فلم يعثر على النفط فيهما
لمحدودية عمليات الاستكشاف والتنقيب .
مما تقدم نستطيع ان نستنتج ان اربعة اقطار
عربية هي ( السعودية ، العراق ، الامارات ، الكويت ) تستطيع ان تسيطر على اكثر من
نصف احتياطيات النفط في العالم ، ولكن المشكلة تكمن في
السياسة
النفطية لدول الخليج العربي التي تستجيب للضغوط الامريكية الغربية التي هي بالضد
من الاهداف التي تخدم الامة العربية ومصالحها القومية .
اصبح من المؤكد ان نسبة الاحتياطي العربي سوف تأخذ بالزيادة لان كثيراً من
مناطق العالم ستشهد تراجعاً في احتاطياتها من جراء الانتاج الكبير وكذلك لصغر
احتاطياتها اصلاً .