تطور علم
الجيومورفولوجيا:
ركزت الدراسات
القديمة على دراسة الزلازل والبراكين والتغيرات الساحلية والسهول الفيضيه والأنهار
في دراسة تطور أشكال الأرض, وهكذا بدا التطور في العصور الوسطى والحديثة بأفكار
غير مترابطة ووصفيه. وكما ذكرنا أول من طور الجيومورفولوجيا هم المتخصصين بدراسة
الجيولوجيا والمياه في القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر, وظهرت ما يسمى بالنسقيه Uniformitanism
والذي وضعها مجموعه من العلماء أهمهم شورلي Chorley
وتستند هذه الفكرة إلى أن
الحاضر في شكل الأرض هو مفتاح الماضي, وان التغيرات التي تعمل في الوقت الحاضر قد
عملت أيضا خلال الازمنه الجيولوجية, وان التغيرات التي تحدث في أشكال سطح الأرض
رغم أنها بطيئة فأنها بالواقع تكون فعاله, فعند توفر الوقت اللازم فان مظاهر سطح
الأرض برمتها يمكن أن تنشا وتتلاشى مره ثانيه بواسطة قوى بطيئة العمل إلا أنها
مستمره في هذا المجال, وهكذا كانت فكرة النسقيه تقدما واضحا على حساب الاعتقاد
الخاطى بالحركات الفجائية Catastrophic والتي طغت عليها النسقيه , حيث انه من السهل
الاعتقاد أن الفيضانات الشديدة التي تحدث بشكل نادر , تغير في وديان الأنهار اكثر مما يغيره جريان المياه بشكل اعتيادي في
السنوات الواقعة بين فيضانين من هذا النوع .
ونتج عن دراسات العلماء نظريات هي التي
ساهمت في تطور هذا العلم حديثا والتي كان أهمها هو العمل بخطوات تقوم على الملاحظة
وتنظيم الملاحظات وتفسيرها واستخلاص النتائج ومقارنتها ببعضها البعض وخاصة العالم
ديفز ) في دراسة ما يسمى بدورة التعرية على شكل مراحل متتابعة سميت بالدورة
العادية ( Normal
Cycle ) أو
الدورة المائية. وانطلق العالم في تطويره لعلم الجيومورفولوجيا من خلال التأكيد
على ثلاثة عوامل يعتمد عليها تكوين المظهر وهي:
أ – البنية Structure
ب – العملية process
جـ - الزمن Time
وأدت هذه الأمور إلى الوصول لما يسمى
بالمعالجة الوراثية للتضاريس ( مثل عمر الكائن الحي مرورا بالشباب والنضج
والشيخوخة ), وظهرت عدة مدارس جيومورفولوجية يمكن أن نذكر منها مدرسة الأفكار
الحركية والمدرسة المناخية ومدرسة الارتباط, ولكن أقوى هذه المدارس هي مدرسة
المناخ كأحد أهم العوامل في تحديد المظهر الأرضي. وتشير دراسات ديفيز إلى انه بحق
من طور الجيومورفولوجيا الحديثة وتمكن من ابتداع مصطلحات علمية ذكية زود بها
دراساته, مثل مقارنته للظواهر
التي تحدث في منطقة معينة بمراحل عمر الكائن الحي مثل مرحلة الشباب والنضج
والشيخوخة. حيث أن الأشكال الأرضية الشابة هي الموجودة في منطقة تشكلت حديثا, أما
الناضجة فهي الأشكال التي وصلت إلى التضاد بين الارتفاع والانخفاض وقد يوجد نضج مبكر أو نضج متأخر, أما
الشيخوخة فهي وصول الأشكال إلى مرحلة لا تتلاشى فيها. وهكذا نلاحظ أن التطور سار
من مرحلة الوصف أولا ثم الوصف الإيضاحي ( ديفز ) والتجريبي عن طريق التحليل
المورفومتري ( معادلات زوايا الانحدار, والكثافة التصريفية وغيرها ), والمقياس
المباشر مثل سرعة المياه في دفع الرواسب, والاختبار والذي يبقى صعب لصعوبة تتبع
ظواهر الطبيعة في المختبر لذا يستعمل هذا الأسلوب للأمور البسيطة. أي أن
الجيومورفولوجيا انتقلت من الوصف إلى التحليل في تطورها
مجال علم
الجيومورفولوجيا:
ذكرنا أن أهم العلم يدرس أشكال وهيئات سطح
الأرض, وبذلك فمجاله الأساسي هو دراسة قشرة الأرض والغلاف الصخري وقيعان المحيطات
( أو دراسة ما يسمى بالغلاف الصخري Lithosphere.
وكلمة Litho كلمة يونانية تعني صخر ونعني بها المواد
المشكلة لقشرة الأرض والتي تتكون من مجموعة هائلة من المعادن. وينفرد هذا العلم
بهذا المجال بحيث يقدم التصوير والتفسير الكامل لإشكال سطح الأرض للمتخصصين في
الدراسات المختلفة عن طريق تطبيقات هذا العلم فيما يعرف بالجيومورفولوجيا
التطبيقية ( التي تدرس في خطة قسم
الجغرافيا / جامعة مؤته على شكل مادة اختيارية ). وكما قلنا فانه عندما
انتقلنا من الوصف إلى التحليل في الجيومورفولوجيا فان نتائج التحليل أصبحت توفر
اكثر من التطبيقات لهذا العام وذلك باستخدام المقاييس الدقيقة عن طريق الميدان
مباشرة. أهم الجوانب التطبيقية للجيومورفولوجيا ما يلي:
1-
الكشف عن الثروات
الطبيعية وتطوير المساحات الزراعية والمعادن والغاز والصخور المفيدة.
2-
دراسة أحواض
الأنهار وبناء الخزانات والسدود المائية وتوليد الطاقة وكشف الموارد المائية
السطحية والجوفية وصيانتها.
3-
دراسة انجراف
وتعرية التربة بالمياه والرياح ومعالجة هذه المشاكل.
4-
تتبع تغير مجاري
الأنهار والقنوات وأثار هذا التغير.
5-
دراسة الانهيارات
والانزلاقات الأرضية والصخرية ككوارث طبيعية ومواجهتها.
6-
استخدامه في
النواحي العسكرية والحروب.
7-
دراسة التربة
وأعماقها وصلاحيتها للإنتاج الزراعي.
8-
دراسة السواحل
البحرية والموانئ وأثرها في الملاحة, وعلاقة التيارات البحرية بذلك.
9-
استخدامه في عمل
الخرائط الجيوموفورلوجية لتطبيقها في شتى المجالات.
10-
استخدامه في دراسات البناء والطرق والسكك الحديدية.
11-
تتبع تطور الأقاليم واستقرارها الجيومورفولوجيا
12-
استغلال الصحاري والأراضي الجافة وشبه الجافة وتتبع العواصف الرملية فيها أثرها
على نشاط الإنسان.
علاقة
الجيومورفولوجيا بالعلوم الاخرى:
لقد قال لوبيك Lobeck
أن الجيومورفولوجيا هي
أيضا فرع أساسي من الجيولوجيا وخاصة علم دراسة المعادن والصخور وجيولوجية البنية
والجيولوجيا الديناميكية التي تسهم في فهم علم الجيومورفولوجيا لأنها تفسر تطور
معالم سطح الأرض, ولهذه الموضوعات الارتباط الوثيق مع الجغرافيا التي تدرس العلاقة
بين الإنسان وبيئته الطبيعية من خلال الجغرافيا الطبيعية في دراسة المناخ والمياه
والنبات. علاوة على ذلك يحتاج من يدرس الجيومورفولوجيا الرياضيات والعلوم
الطبيعية. أي باختصار يشمل هذه العلم مواضيع تخص الجيولوجيا وعلم المياه والهندسة
والرياضيات والفيزياء والجغرافيا وعلم التربة, حيث انه لا يوجد علم من العلوم
يتقوقع ضمن حدود معينة, إلا انه يكون في تطور مستمر بحيث ينتقي ما يراه مناسبا من
العلوم الأخرى التي تساعد على تطوره وشموله.
وهكذا فان الجيومورفولوجيا لا ترتكز على
القاعدة الجغرافية وحدها بل يوجد خمسة
علوم أرضية أساسية ومجاورة ذات صلة وثيقة بالجيومورفولوجيا. وتعنى هذه العلوم الخمسة بدراسة الشكل العام للأرض وبحالتها ونشأتها وبنائها وموادها, واول هذه
العلوم هو الجيوديسيا ( Geodesy ) وهي علم قياس الأرض لتحديد المواقع والارتفاعات لنقط معلومة على سطح الأرض
مع الأخذ بالاعتبار عند القياس الشكل الحقيقي للكرة الأرضية ( كروي ), أما العلم
الثاني فهو الجيوفيزياء إن علم الطبيعة الأرضية Geophysics والذي يوضح للجيومورفولوجيا خبايا القوى التي
تسكن باطن الأرض والتي ينتج عنها الزلازل والبراكين , والثالث هو الجيولوجيا , حيث
انه يجب على الجيومورفولوجي أن يدرس منطقة البحث جيولوجيا إذا لم تكن مدروسة
جيولوجيا بشكل مسبق من قبل آخرين . وبالتالي فان الجيومورفولوجيا هي همزة الوصل
بين الجغرافيا والجيولوجيا, أو نطاق الحدود بينهما. والعلم الرابع هو علم
البيتروجرافيا Petrography أو علم الصخور الذي يدرس قشرة الأرض السطحية من
خلال تنظيمها في وحدات زمنية وأعمار محددة . قد يضاف إلى هذه العلوم علم خامس هو
علم الكارتوغرافيا ( الخرائط cartography )
وهكذا نلاحظ انه لا يمكن الحديث عن البناء العلمي الجغرافي إلا إذا بدأنا أولا
بدراسة علم الجيومورفولوجيا.